تسع ليال قضيتها في جنوب لبنان العام الماضي وكان وقتها احتفالات واسعة تشهدها لبنان بمناسبة ذكرى أطلاق جبهة المقاومة الوطنية في لبنان تلك المقاومة ذات السنديانة الجميلة. كان الفخر بهذه المقاومة يجعل من شباب لبنان رافعين الرؤوس يحتفلون بها في الطريق يوزعون الورود الحمراء على المارة، انها مقاومة أنور ياسين وسمير القنطار والشرفاء من لبنان الذين لا يعرفون للطائفية من معنى، فأخذوا يدفعون دمهم من أجل الوطن الذي يقصف الآن بهالة عسكرية إسرائيلية ضخمة. احتفالات شبيبة لبنان كان لها طعم جميل فهم أبناء الأبطال ممن حملوا الأكفان على الأكتاف ليقاتلوا من اجل لبنان، وكانوا يرددون تلك الأغاني بلهجتهم اللبنانية والتي اذكر منها (لك عمري كتبتوا بالنار وبالأغاني ...ياسنديانة حمرا يا أغلى سنديانة)، فضلا عن توزيعهم الورود الحمراء في الطرقات. شباب متكاتفين لا يأبهون الرصاص ولا القصف، لا ذنب لهم سوى أنهم وطنيون لبنانيون لم يشاركوا في حرب طائفية ولم يكن رئيسهم أمير حرب، ولكنه مناضلا ثورياً معتدلا. شبابهم لا يعرفون معنى للبرجوازية لا الصغيرة منها ولا الكبيرة، تعلقنا بصحبة أحدهم انه أيمن مروة ذاك الشاب الجنوبي الذي أحب البحرين بعد ان عشنا معه تسع ليال في أحضان الجنوب، فأخبرنا بعدها انه لا يفوته أي خبر يبث أو يذاع يتعلق بالبحرين إلا ويسمعه لأنه أحبها قبل أن يراها. عمره لا يتجاوز العشرين عاماً ولكن روحه ملئها الحماس، ذهبنا معه الى بيروت على الرغم ان لا مال لديه للعودة، أخذناه معنا وجلسنا في ذلك المكان الجميل.. انه السوليدير. وعلى أنغام موسيقى جميلة ومناظر خلابة والسائحين يجوبون هذا المكان كلا بكاميرته لالتقاط صورة تذكره بهذا المكان الرائع، ونحن على إحدى الطاولات مع أيمن نتبادل أطراف الحديث عن الألم والمعاناة التي يعيشونها من اجل وطن حر وشعب سعيد، استشعرنا الحرمان في عينيه حينما قال انه لأول مرة يدخل هذا المكان رغم انه لبناني، والسبب هو الفقر. حال أيمن حال الكثيرين من شباب لبنان من البقاع والنبطية وكل أرجاء ذلك الوطن الذي يمطر الآن بالغارات التي لا تفرق بين طفل وشيخ. منذ العدوان على لبنان وحتى الآن لا اعرف كيف حال أيمن ولا حال رفاقه.