في ذكرى الميثاق.. نحتاج للوحدة الوطنية
مرت ذكرى ميثاق العمل الوطني الذي حصل على شبه اجماع بعد التطمينات التي أكدتها السلطة، ونهى الميثاق مرحلة بعد ان تم الافراج عن المعتقلين وإرجاع المبعدين، وبدأت تتشكل فيها الحياة السياسية، بعد ان تعطلت بتعطل الدستور عام 73.
وتأتي هذه الذكرى وسط تراجعات كبيرة على مستوى الحريات العامة والخاصة، رغم اننا في الفصل التشريعي الثاني من عمل البرلمان الذي اتصف بأنه ذا صفة تمثيلية واسعة بعد مشاركة الجمعيات وحصول الوفاق ذات الثقل الجماهيري الواسع على مقاعد تقارب النصف.
ويتعين على السلطة بعد مرور ما يقارب الاربع سنوات ان تقوم بمراجعة شاملة ترتكز على الاصلاح والشراكة مع المجتمع الذي بدأ يفقد الثقة، وبالتالي عليها ان تعيد المجتمع عبر إشراكه في صوغ القرارات عن طريق فصل السلطات الثلاث وتوسيع صلاحيات المجلس المنتخب.
فالتشاؤم هو سيد الموقف خصوصاً بعد ان اتضح ان البرلمان الحالي على الرغم من مشاركة الوفاق إلا انه لا توجد ملامح عند هذه الكتلة تدل على وجود خطة استراتيجية لفتح الملفات الحيوية التي عبر عنها الامين العام للوفاق الشيخ علي سلمان أثناء الحملات الانتخابية بالاولويات العشر.
فمازلنا ننتظر بحث ما ذكره التقرير الشهير الذي عرف بتقرير البندر، الذي حجب القضاء على الاعلام حتى ذكر اسمه، فاستبدل عبارة تقرير البندر بالتقرير الشهير، او التقرير المثير للجدل، والذي تناول تقارير حكومية مخيفة جداً، تتحدث عن اشعال فتيل الفتنة الطائفية، لذلك حسناً فعلت جميعة التوعية الاسلامية عندما اتخذت شعارا لموسم عاشوراء يحمل عنوان (نحو وحدة وطنية اسلامية جامعة)، ولكن المطلوب هو التحرك الفعلي من قبل المؤسسات الاسلامية بشقيها السني والشيعي بفرملة الخطابات الطائفية سواء في خطب الجمعة او ما يتردد في خطابات المنابر.
وملف الوحدة الوطنية هو بالنسبة لي اهم الملفات التي ينبغي على القوى السياسية والاسلامية التوقف عندها –اي الوحدة الوطنية- لأننا لا نبالغ عندما نقول ان هذه الوحدة في خطر فهناك من يعمل على اشعالها من قبل جماعات التطرف والتكفير ومن قبل بعض من لهم يد في السلطة، لأنها ترغب في الاستقواء بتيارات متشددة ظناً منها انها ستكون الحامية لها، خصوصاً اذا ما اتضح من خلال البرلمان الانتهازية السياسية الفجة عند بعض الكتل السياسية الاسلاموية، وهذا لم يتضح خلال هذا الفصل بل كان الفصل التشريعي الاول كفيل بفضح هذه الكتل.
وكنت قد أشرت في مقالات سابقة الى احتفالات الجميعات السياسية ذكرى هيئة الاتحاد الوطني، مطالبا اياها ان تقوم بتفعيل ما توصلت اليه هذه الرجالات في مقاومتها لشعار الاحتلال البريطاني (فرق تسد).
والانتخابات الاخيرة التي أفرزت ما نعينيه من الخطاب الطائفي والاشارات البغيضة والتي تناول بعض المرشحون علانية تبنيهم لهذا الخطاب، كمحاربة أصحاب السلندرات وغيرها من العبارات الدنيئة، أو تصوير البحرين انها ستكون عراقاً أخرى.
فالمشهد السياسي في العراق ليس بعيداً عن البحرين، واتضح ذلك من خلال ما ترتب على اعدام الطاغية صدام حسين من تهويل طائفي، وسط غياب ملحوظ للخطاب الوطني. ومن سوء حظنا ان البحرين بيئة خصبة لتحقينها بالمؤثرات الخارجية وهذا ما شهدة البرلمان السابق من خلال أزمة الفلوجة التي أثارها بعض النواب، متناسين ما قد ترتبه هذه الاثارات في البرلمان من جدل واسع في أوساط المجتمع البحريني الصغير.
|